بطاقة مُلكية .. تاريخ من النهب والصون والاستيلاء في المكتبة الوطنية الإسرائيلية

كتاب بطاقة مُلكية .. تاريخ من النهب والصون والاستيلاء في المكتبة الوطنية الإسرائيلية


الكاتب: غيش عميت

يكشف غيش عميت في كتابه هذا عن الكثير من المعلومات والحيثيات التي رافقت ثلاث "عمليات" كبيرة ضلعت فيها المكتبة الوطنية الإسرائيلية، من أجل زيادة مخزونها من الكتب وترقية مكانتها العلمية والبحثية: جلب أكبر كمية ممكنة من الكنوز الثقافية اليهودية التي خلفها يهود أوروبا والاستيلاء بطرق ملتوية وجنائية على الكنوز الثقافية والدينية التي جلبها معهم يهود اليمن في هجرتهم إلى إسرائيل الفتية، وعملية جمع عشرات آلاف الكتب من المكتبات الفلسطينية في القدس بعد احتلالها في النكبة. واللافت أن هذه القضايا الثلاث تتشابه فيما بينها بإصرار إدارة المكتبة الوطنية على الاستيلاء على هذه الكتب القيمة، بأي ثمن، ما يسقط الضوء على الصراعاات الداخلية والخارجية التي رافقت هذه العمليات الثلاث، وهي صراعات تشهد بقوة على تداخل البحث الأكاديمي بالسياسة والحرب والقوة، إلى جانب الخداع والتضليل والتنافس المحموم. ومن بين الأمور التي ركز عليها عميت في مقدمة كتابه الممتاز، التطرق وببعض الإسهاب، إلى عقدة "الشرقي" التي لازمت يهود أوروبا قبل وبعد إنشاء دولة إسرائيل. فعميت يوضح أن مصطلح الشرقي التصق بيهود أوروبا، وخصوصاً الشرقية، رغم أنهم يعرفون اليوم بتسمية "الاشكناز". لقد كان الغرب الأوروبي الكولونيالي يتعامل مع اليهود الذين يعيشون فيه باعتبارهم شرقيين خالصين: "كان القاموس اللغوي والصور الواردة في الاستشراق، كخطاب أوروبي مسيحي عمره مئات السنوات، هو الذي جمع بين العرب واليهود سوية، فيما مثل العرب "الآخر الخارجي" لأوروبا، واليهود باعتبارهم ممثلي "الآخر الداخلي". ويفسر هذا النزعة التي لا تقاوم (حتى اليوم) لدى يهود أوروبا الغربية والشرقية لفصل أنفسهم بشكل مستميت عن اليهود الشرقيين. * * * * * صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، كتاب بعنوان: "بطاقة ملكيّة: تاريخ من النهب والصون والاستيلاء في المكتبة الوطنية الإسرائيلية"، من تأليف ألباحث الاسرائيلي غيش عميت، يتركز الكتاب في جزء منه على كشف ملابسات نهب عشرات آلاف الكتب من المكتبات الفلسطينيّة في القدس بعد احتلالها في العام 1948، مشفوعاً بوثائق وشهادات واعترافات صريحة. ويكشف الكتاب، الذي ترجمه عن العبرية علاء حليحل، الكثير من المعلومات والحيثيّات التي رافقت "عمليّات" نهب كبيرة أخرى ضلعت فيها المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة، من أجل زيادة مخزونها من الكتب وترقية مكانتها العلميّة والبحثيّة، تمثلت بجلب أكبر كميّة ممكنة من الكنوز الثقافيّة اليهوديّة التي خلّفها يهود أوروبا المقتولين في المحرقة النازيّة؛ والاستيلاء بطرق ملتوية وجنائيّة على الكنوز الثقافيّة والدينيّة التي جلبها معهم يهود اليمن في هجرتهم إلى إسرائيل الفتيّة. وتكشف حيثيات الكتاب على نحو جلي إستراتيجيات النهب وآليات إخفائه وكبته بل وتمويهه وتقديمه كعمل جليل منحاز للمعرفة، وتفكك هذه الإستراتيجيات عبر الكشف عن مصائر الثروة الثقافية المنهوبة، وتعرية ما تخفيه ذرائع النهب من استعلاء استشراقي فجّ يتجاهل الضحية ويقلل من جدارتها بما تمتلكه، مع إلقاء الضوء على الصراعات الداخليّة والخارجيّة التي رافقت عمليات النهب هذه، وهي صراعات تشهد بقوّة على تداخل البحث الأكاديميّ بالسياسة والحرب والقوّة. يثير الكتاب قضايا شائكة في تاريخ المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة وتاريخ أكاديميّيها وباحثيها المؤسّسين، حتى قبل قيام إسرائيل، وهو يفعل ذلك بمهنيّة عاليّة ودراسة بحثيّة معمّقة، ما يجعل قراءة هذا الكتاب أمراً ضرورياً لكلّ دارس ومهتمّ بتاريخ الصراع السياسيّ والثقافيّ بين إسرائيل والفلسطينيّين من جهة، ولكلّ دارس ومهتمّ بتاريخ تجذّر الصهيونيّة في فلسطين، على اختلاف توجّهاتها. وجاء في مقدمة عميت لكتابه: "يستعرض الكتاب تاريخ المؤسسة المتأرجح بين النظام ونقيضه، بين ممارسة الرغبة لبناء وعيّ قوميّ متماثل وبين إحباطها، وتكشف الكتب المجتمعة في المكتبة الوطنية في القدس عن علاقة الصهيونية مع الاستشراق الأوروبيّ واستخدامها للخيال الكولونياليّ بغية إدراك ذاتها وتأسيس هُويتها، إلا أنّ هذه الكتب تُذكّرنا ثانية بعملية المحو والنسيان التي فرضتها الصهيونية على مُريديها ورعاياها، وتحثّ هذه الكتب صمت الصهيونية على الكلام وتكشف عن أسسها المتصارعة، ولذلك فهي تنتمي أيضًا إلى فضاءات الاستئناف والرفض والتفتيت: منتمون وغرباء، أصحاب البيت ومعدموه، جزء من الثقافة المهيمنة ومن القوة والمعرفة الخاصة بدولة القومية وفي الوقت نفسه موقع من المقاومة والتاريخ البديل. إنّ العلاقات التبادليّة المركّبة بين مصطلحات النهب والمصادرة والتجميع والإنقاذ تتموقع أيضاً في لُبّ هذا الكتاب، فعلى مرّ سنوات طويلة صاغ الخطاب الإسرائيليّ الرسميّ جمع كتب الفلسطينيين إبان حرب 1948، عبر مصطلحي الرأفة والإنقاذ. فمصطلح "بيت الكتب القوميّ" الوارد في الموسوعة اليهوديّة، والذي كتبه شلومو شونمي العامل في المكتبة الوطنية الإسرائيلية والذي ترأس حملة التجميع، يوفّر مثالاً ساطعاً على ذلك، "إبان حرب الاستقلال، دبّر بيت الكتب عملية واسعة لإنقاذ الكتب من التلف، في الأحياء العربية المهجورة. ونتيجة لذلك، جُمعت عشرات آلاف الكتب، وهي محفوظة كوديعة إلى حين التيقّن من مصيرها". وبالمقابل، رأى الفلسطينيون في هذا الحدث سلباً ثقافيًّا. وكذا الأمر بالنسبة لجمع مخطوطات يهود اليمن، الذي تغذى – كما سنوضح لاحقاً- على الوعي الصهيونيّ الذي نظر إلى اليمنيّين كيهود قدماء يحملون الثقافة القديمة ويحافظون عليها، وباعتبارهم وضيعين من الناحية الثقافية والدينية والقومية. وجمع كتب ضحايا المحرقة في القدس لا يخلو من مميّزات جدليّة: فغرشوم شالوم وشموئيل هوغو برغمَن وزملاؤهم في الجامعة العبرية رأوا في هذا عملية إنقاذا لثقافة ترزح تحت خطر الإفناء، وجزءًا لا يتجزّأ من النضال على حقّ اليهود للاعتراف الجمعيّ بهم كأصحاب الممتلكات الثقافية التي نهبها النازيون في ظلّ غياب الدولة القومية؛ فيما اشتبه قياديون يهود في أوروبا أنّ الصهاينة ينوون الاستيلاء على الملكيّات الإنسانية من بين مخلّفات المجتمعات اليهودية من دون توفير الدعم اللازم لإعادة ترميمها؛ وهناك حتى من شكّكوا في الادّعاء القائل: إنّ الحركة الصهيونيّة هي الممثل الطبيعيّ والحصريّ للشعب اليهوديّ."



تحميل كتاب بطاقة مُلكية .. تاريخ من النهب والصون والاستيلاء في المكتبة الوطنية الإسرائيلية ، كتاب بطاقة مُلكية .. تاريخ من النهب والصون والاستيلاء في المكتبة الوطنية الإسرائيلية pdf للتحميل المجاني ، تحميل كتب pdf، وكتب عربية للتحميل، تحميل روايات عربية ، تحميل روايات عالمية ، روايات pdf ، تحميل كتب غيش عميت pdf ، تحميل جميع كتب ومؤلفات غيش عميت ،و اقرأ مقالات مفيدة ، تذكر كل هذا وأكثر على مكتبة الكتب.



لا تنسى تحميل تطبيقاتنا

  • - تحميل الكتب إلي هاتفك وقرائتها دون الحاجة إلي الإنترنت
  • - تصفح وقراءة الكتب والروايات أون لاين
  • - متعة الإحساس بقراءة الكتب الورقية
  • - التطبيق مقدم مجاني من مكتبة الكتب

اقرأ أيضا