التشيع في الأندلس .. منذ الفتح حتى نهاية الدولة الأموية

التشيع في الأندلس .. منذ الفتح حتى نهاية الدولة الأموية

الكاتب: د. محمود علي مكي

دأب اكثر المؤرخين على اجترار ما دوّنه اسلافهم في هذا الباب من دون روّية, و هذا ما دعا اكثر المحققين من أهل الانصاف الى تأييد الاصوات المنادية و الداعية الى إعادة كتابة التاريخ , و لعله و بما يُكتب من التاريخ , و بأسلوب جديد, تُصاب المنى , بإزالة بعض من الظلامات التي لحقت بمجتمعنا الاسلامي من جراء تلك الاعمال غير المسؤولة التي قد أتى بها اصحابها لسبب او لآخر . و يمكن القول بأن تاريخ التشيع و بلحاظ عام قد اٌصيب بحيف المؤرخين , و لكن هذا الحيف اشد وقعاً على تاريخه في الاندلس من بقية وجوداته في العالم الاسلامي . حيث حاول اكثر المؤرخين إفهام الناس و من خلال ما كتبوه عن تاريخ الاندلس بأنها - أي الاندلس - أموية الفتح أموية السقوط - إلا أنهم وفي أحسن الاحوال قد ذهبوا الى أنّ من جاء من الحكومات و الدول بعد النهاية الفعلية للوجود الاموي في الاندلس قد نسج على نفس المنوال الذي اثبتت اصوله من قبل الامويين أنفسهم . و على نفس السياق نجد المؤرخين عندما يعرضون لما كان عليه أهل الاندلس من مذهب فأنهم يكادون ان يطبقوا بأنه لا مذهب للاندلسيين إلا مذهب مالك(1), متناسين بذلك جميع الوجودات المذهبية التي عرفها اهل الاندلس , ومن ذلك ما كان عليه بقي بن مخلد في تمذهبه لأبي حنيفة و محاولاته في نشر مذهبه في عهد محمد بن عبد الرحمن الاموي(2) . و لا نرى تفسيراً لذلك إلا كون الذين دونوا تاريخ الاندلس في تلك الحقبة من الموالين للسلطة الاموية , و بهذا يكون - و بتعبير آخر- تاريخ الاندلس قد كُتب بحسب ما يشتهيه الحكّام الاوائل للاندلس و بما تشتهيه أهواؤهم و ميولهم , و قد جاء الخلف من المؤرخين فأخذوا بالعزف على نفس الاوتار التي صاغها السلف بدون دقّة و لا تمحيص . و ما زال اصل البحث عن شيء من تاريخ التّشيع في الاندلس يمكننا القول انه - اي التشيع - قد اخذ طريقه الى الاندلس و دخل ارضها مع الافواج الاولى من المسلمين الذين وطأوا ارض الاندلس في ايام الفتح الاولى و هم يحملون لها الاسلام , حيث نجد جنش الصنعاني الذي كان من التابعين , و من تلامذة و انصار علي بن أبي طالب (ع) و من المحاربين للأمويين في صفّه(3). و كذلك نجد عبد الملك بن قطن و الذي اصبح والياً للاندلس في بعض ايامه (( و قد كان جنود بلج بن بشر الشاميون يذكرون والي الاندلس عبد الملك بن قطن الفهري إنه إنما افلت من سيوفهم يوم الحرّة , و كان ابن قطن قد اشترك في هذه الواقعة في صف الانصار ضد جيش يزيد بن معاوية , و كان جزاؤه على ذلك أن صلبوه و مثّلوا به سنة 123هـ ))(4).



لا تنسى تحميل تطبيقاتنا

  • - تحميل الكتب إلي هاتفك وقرائتها دون الحاجة إلي الإنترنت
  • - تصفح وقراءة الكتب والروايات أون لاين
  • - متعة الإحساس بقراءة الكتب الورقية
  • - التطبيق مقدم مجاني من مكتبة الكتب

اقرأ أيضا