الطعام هو ونيس الوحدة

من المؤكد أن حاسة التذوق أحد أهم النعم التي وهبها لنا الخالق، ولذلك تفنن البشر منذ وضعوا اللحم النيء في النار على سبيل الصدفة وأعجبهم طعمه وحتى الآن في اللعب على أوتار هذه الحاسة..

فنجد الاف الوصفات لمكون واحد، برامج للطهي، طهاه عظام يذكرهم التاريخ، كتب للطبخ، مواقع الكترونية تكتظ بالوصفات سواء من المحترفين أو الهواة، فلماذا لا يشارك الادب في هذه السيمفونية اللذيذة؟

في الحقيقة الأدباء والأدبيات كبشر من المؤكد تأثرهم بالطعام، ومن يهواه بحق يظهر هذا في أدبه جلياً، لذلك اليوم نتناول أربعة أعمال أدبية، كان الطعام محورهم، ولكن ليس مجرد سرد للوصفات، أو طرق طهي الطعام، بل استخدموا هذه الحاسة الرائعة في علاج القلوب الجريحة.

طعام.. صلاة.. حب – إليزابيث جيلبرت

اعتقد أن الكثيرون سمعوا عن هذا الكتاب، أو عن الفيلم المقتبس منه، وتدور أحداثه حول إليزابيث جلبرت، التي تعاني نفسياً بعد طلاقها المرير، وتقرر أن تترك مدينتها لتجمع شتاتها في رحلة حول العالم من ثلاث محطات، وأولى هذه المحطات والتي تهمنا في هذا المقال هي إيطاليا.

توقفت اليزابيث في إيطاليا، لتغذي جسدها وروحها بطعامها الشهي، وتتجول فيها من مدينة لأخرى لتتبع مطعم شهير للبيتزا، أو آخر صغير لكن يقدم وجبة مميزة، بدلاً من البحث عن المتاحف أو التجول في أعرق الكنائس في العالم، وتخلت عن ملابسها الضيقة حين زاد وزنها، وتمردت على قوانين الموضة والجمال وقررت التهام الطعام دون الشعور بالذنب والخوف من السمنة.

قدمت جلبرت في هذا الفصل الطويل الكثير من الشكر لحاسة التذوق لديها، التي بقيت رغم كل الألم الذي سكن روحها، وساعدتها في تخطي مرحلة مهمة في حياتها.

آفروديت – إيزابيل الليندي

هذا الكتاب مختلف للغاية، فبعد وفاة ابنتها باولا بطريقة مأساوية ذكرتها الكاتبة في مذكراتها “باولا”، افتقدت الإلهام والقدرة على الكتابة، لذلك فكرت في بحث تقوم به بالمشاركة مع والدتها يعيد إليها بعض الحماسة، ويساهم في اندمال جروح نفسها..

وكان موضوع هذا البحث هو الوصفات التي تقوي علاقة الحب وتشعل ناره، الكتاب نلاحظ فيه الروح المرحة لإيزابيل الليندي، فهي تسخر من فكرة وجود طعام له تأثير على عاطفة الحب بين الرجل والمرأة، لكنها تؤمن في الوقت ذاته أن تناول الوجبات مع العائلة أو مع الحبيب له تأثير على المشاعر بالتأكيد، وتتذكر خلاله الولائم الضخمة التي كان يتم إعدادها في منزلها لعشيرتها الكبيرة، والفوضى المحببة للنفس.

جمعت في هذا الكتاب عدد كبير من الوصفات التشيلية القديمة والتي قامت بتجربتها جميعاً بمساعدة والدتها، ويمكن اعتباره كتاب وصفات طهي بنكهة الأدب الرائع، أو كتاب أدبي في حب الطعام الذي يخفف من ألم الفقد في بعض الأحيان.

تحت شمس توسكانا – فرانسيس مايرز

مذكرات أخرى تم تحويلها لفيلم سينمائي، وأيضاً تدور أحداثها في إيطاليا بمطبخها الملهم للجميع، الكاتبة هنا لم تمر بأزمة عاطفية أو حادث مأساوي، بل تعيش حياة يمكن اعتبارها مثالية إلى حد كبير، هي أستاذة جامعية ومؤلفة تمتلك منزل كبير في الولايات المتحدة..

حيث تأكل أغلب أيام الأسبوع وجبات سريعة التحضير في المنزل أو في الخارج، ولكن خلال شهور الصيف تترك كل شيء وترتحل إلى بلدها المفضلة إيطاليا، هناك تتخلص من كل ضغوط الحياة الروتينية والطلبات والواجبات وشخصية الأستاذة بقيودها.

لتقرر في النهاية أن تشتري منزل قديم وترممه، والكتاب يرصد هذه المرحلة، ويجمع بين مهمة تجديد المنزل، واستضافة الاهل والأصدقاء، والتمتع بالأكل الإيطالي الشهي، والذي تتعلمه الكاتبة، وتقدم منه وصفاتها المفضلة في كتابها هذا مع وضع بعض التعديلات عليها، ليصبح الكتاب خليط من المذكرات الشخصية والوصفات المفصلة.

الفيلم السينمائي مقتبس من روح الكتاب ولكن ليس بالتفاصيل نفسها، لذلك هناك الكثير من الاختلافات بين الاثنين.

طبيخ الوحدة – أمنية طلعت

هي التجربة العربية الوحيدة في هذا المجال، حيث قدمت الكاتبة مجموعة قصصية تدور أحداثها حول علاج الوحدة والألم بأشكاله المختلفة باستخدام الطهي، من البطلة الوحيدة في رأس السنة، التي تقرر أن تطبخ لوحدتها مائدة عامرة..

وتجلس مع سنواتها الماضية والقادمة تحتفل بالحياة، والأم التي تحضر لرضيعها الرضاعة بمنتهي الحب وتتذكر أثناء ذلك كل الألم الذي عاشته في حياتها، وكونها منبوذة من عائلتها، وكيف وصلت لهذه النقطة.

والكثير من القصص الأخرى، مع الربط بين قصة كل امرأة بوصفة معينة أو أكلة خاصة أو حتى فنجان من القهوة، ليصبح الطعام هو ونيس الوحدة، والشيء الوحيد الذي يخفف الألم، وتتميز المجموعة بجو شجن يليق مع الموضوع، وأسلوب يجذب القارئ، فلا يستطيع أن يتركها دون أن ينهيها.


كتب PDF ، كتب و روايات PDF ، أفضل تجميعات الكتب، كتب عالمية مترجمة ، أحدث الروايات و الكتب العربية ،أفضل ترشيحات الكتب و الروايات، روايات و كتب عالمية مترجمة، ترشيحات كتب.