كملخص عن حياته …
ولد جبران خليل جبران في لبنان، وعندما أصبح شابًا هاجر إلى الولايات المتحدة ليدرس الأدب هناك وليبدأ مسيرته الأدبية، وهو يتقن كل من الإنكليزية والعربية، ويعتبر متمردًا أدبيًا وسياسيًا، ويمتاز بأسلوبه الرومانسي ويعتبر واحد من رموز ذروة وازدهار عصر نهضة الأدب العربي الحديث، وخاصة بما يخص الشعر والنثر، ويعد عضو في رابطة القلم في نيويورك، المعروفة حينها “بشعراء المهجر” جنبًا إلى جنب مؤلفيين لبنانيين مثل الأمين الريحاني وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي.
كتاب النبي
تحفة جبران خليل جبران ، وهي واحدة من أكثر الكتب المحبوبة في عصرنا، والتي تمت ترجمتها عام 1923 لأكثر من عشرين لغة، وبعض المصادر أفدرت أنها تمت ترجمتها لأكثر من خمسين لغة حتى، حيث بيعت في أميركا وحدها أكثر من تسعة ملايين نسخة.
كتاب النبي هو عبارة عن مجموعة من المقالات الشعرية الفلسفية الروحية الملهمة، ينقسم إلى ثمانية وعشرين فصلاً يغطي مواضيع مترامية الأطراف مثل الحب والزواج والأولاد والعطاء والعمل والفرح والحزن والجريمة والعقاب والعاطفة والألم والمعرفة الذاتية وغيرها مما يتعرضه الإنسان في حياته.
ومن أقواله المأثورة في الكتاب، كان عندما طلبت منه المرأة العرافة خطبة في المحبة فقال: “المحبة لا تعطي إلا نفسها، ولا تأخذ إلا من نفسها. المحبة لا تملك شيئاً، ولا تريد من يملكها أحد، لأن المحبة مكتفية بالمحبة”.
ولما طلبت رأيه في الزواج قال: “قد ولتم معاً، وستظلون معاً إلى الأبد، وستكونون معاً عندما نبدد أيامكم أجنحة الموت البيضاء.. أحبوا بعضكم بعضاً، ولكن لا تقيدوا المحبة بقيود. قفوا معاً ولكن لا يقترب أحدكم من الآخر كثيراً لأن عمودي يقفان منفصلين، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منها في ظل رفيقتها”.
أما عن أروع أروع ما قاله فكان عن الأبناء: “أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم، ومع أنهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكاً لكم، أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم، لأن لهم أفكارأً خاصةً بهم، وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادكم، ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم، فهي تقطن في مسكن الغد، الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا في أحلامكم، وإن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم، ولكنكم عبثاً تحاولون أن تجعلوهم مثلكم،لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء، ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس.”
الأجنحة المكسورة
من أجمل ما قرأت لقطة العطاء الرائعة للحب الذي يتفوق بشدة على جميع المحرمات الشرقية وتقاليدهان وبإحساس كبير يصف جبران حبة لسلمى كرامة، تلك الفتاة اللبنانية الجميلة التي أحبها من أول نظرة، والذي لا ينفك عن زيارة أبيها دوماً ليلتقي بها، والذي حاول دوماً أن يحظى بوقت مناسب، ليقف أمامها ويعترف بحبه لها، ويالا شدة سعادته حين حصل ذلك مع اعترافها هي الأخرى بمشاعرها تجاهه، إنهما واقعين في الحب، هذا أجمل ما مر بحياته.
إلا أنه يبدو أن ذلك الحب لم يكن أبدي كما توقع، فبوجود اتفاقية عائلية جعل سلمى أن تجبر على الزواج من رجل آخر، رجل طامع بمالها لا بحبها، ليدخل جبران بحلقة يأس لا نهائية.
ومن أجمل اقتباسات هذا الكتاب كان منها: “إن النفس الحزينة المتألمة تجد راحة بانضمامها إلى نفس أخرى تماثلها بالشعور وتشاركها بالإحساس مثلما يستأنس الغريب بالغريب في أرض بعيدة عن وطنهما… فالقلوب التي تدنيها أوجاع الكآبة بعضها من بعض لا تفرقها بهجة الأفراح وبهرجتها.”
وكما قال أيضاُ: “والصبي الحساس الذي يشعر كثيراً ويعرف قليلاً هو أتعس المخلوقات أمام وجه الشمس لأن نفسه تظل واقفة بين قوتين هائلتين متباينتين: قوة خفية تحلق به إلى السحاب وتريه محاسن الكائنات من وراء ضباب الأحلام، وقوة ظاهرة تقيده بالأرض وتغمر بصيرته بالغبار وتتركه ضائعاً خائفاً في ظلمة حالكة”.
وأما عن أجمل ما قاله عن الأم :“الأم هي كل ّ شيء في هذه الحياة ، هي التعزية في الحزن …، والرجاء في اليأس ،والقوة في الضعف ، هي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران ، فالذي يفقد أمه يفقد صدرا ً يسند إليه رأسه ويدا ً تباركه وعينا ً تحرسه”.
الأرواح المتمردة
لقد صدر هذا الكتاب عام 1908، وهو يحمل في جعبته أربع قصص توضح تمرد الأرواح على العادات والتقاليد التي تكبت حرية الإنسان وتضع حاجزاً بين فكره وأفعاله، والتي بالطبع تقسم الشعب إلى فئات، قسم يعيش بظل تميز حقوقي كبير والآخر بقمع كبير، يجمع به الفقر بالغناء، الشرف بالعهر، التمرد بالطاعة، العقل بالجنون بأسلوب بالغ الروعة ليرسم بطياته عواطف الأشخاص المتأججة، والقصص هي: وردة هاني، صراخ القبور، مضجع العروس و خليل الكافر.
سيوقظك جبران خليل جبران من سبات أعراف المجتمع التي تكون ظالمة في الكثير من المواقف، كيف يمكن أن تظلم تلك المرأة التي تزوجت بالرغم عنها من رجل له من العمر ما يكفي لأن يكون والدها، والذي حكم عليها بالحكم المؤبد طمعاً بجسدها الفتي، ولم ينظر لها بالنهاية إلا مجرد عاهرة دمرت زواجها المقدس من أجل رجل أخر، وأيضاً عن مسألة كلمة “قاتل” لماذا تلاحق لأشخاص وأشخاص لا، لماذا تتعدد مسمياتها حسب أجناس الناس وطبقاتهم ليحاكم بعضهم وبعضهم لا،ولماذا طرد ذلك الراهب عندما عارض تلك الأحكام، أسئلة كثيرة ستحرك روحك وتبكي قلبك.
ومن أبرز اقتباسات الكتاب: “باطلة هي الاعتقادات والتعاليم التي تجعل الإنسان تعسا في حياته، وكذّابة هي العواطف التي تقوده إلى اليأس والحزن والشقاء. لأن واجب الإنسان أن يكون سعيداً وأن يعلم سُبل السعادة ويهدي الناس اليها اينما كان”.
وأيضاً: “ولكن هل يظل الانسان عبدا لشرائعه الفاسدة الى انقضاء الدهر أم تحرره الأيام ليحيا بالروح وللروح؟ أيبقى الانسان محدقا بالتراب أم يحول عينيه نحو الشمس كيلا يرى ظل جسده بين الأشواك والجماجم ؟”
“إن العواصف والثلوج تفني الزهور ولكنها لا تميت بذورها”