دليل رحلة ضيوف الخديوي إسماعيل لزيارة آثار مصر 1869

دليل رحلة ضيوف الخديوي إسماعيل لزيارة آثار مصر 1869

الكاتب: أوجيست مارييت

كان قرار البدء في تنفيذ حفر قناة السويس قد اتخذه محمد سعيد باشا والي مصر عام 1859، إلا أن وصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر تم في عهد الخديو إسماعيل، وكانت دول العالم ترقب لحظة افتتاح المعبر المائي ونجاح فكرة المشروع الذي راود الكثيرين منذ قديم الأزل. سلط الكثير من الباحثين والمؤرخين نظرهم وأبحاثهم على أمر الخديو إسماعيل بتنظيم احتفالات افتتاح قناة السويس في 17 نوفمبر 1869، ودعوة الملوك والأمراء ورؤساء الشركات الكبرى وكبار الكتاب والصحفيين لحضور حفل افتتاح قناة السويس، ولكن لم يهتموا بالدعوة التي وجهها الخديوي، وخص بها عددًا كبيرًا من الشخصيات البارزة في العالم لزيارة مصر لمدة شهر قبل بدء الاحتفالات الرسمية لافتتاح قناة السويس تتويجا لهذا العمل الشاق الذي استمر لـ 10 سنوات. قام الدكتور عباس أبوغزالة بترجمة، دليل، قام أوجست مارييت بناء على طلب الخديوي إسماعيل بعملة تحت عنوان «خط سير رحلة ضيوف الخديوي لحضور احتفالات افتتاح قناة السويس أثناء إقامتهم بالقاهرة وقيامهم برحلة على نهر النيل»، تحت رعاية وزارة الثقافة ضمن مشروع المركز القومي للترجمة عن النسخة الفرنسية التي عثر عليها والمؤرخة في أكتوبر 1869، أي قبل شهر من افتتاح قناة السويس، ليتم توزيعه لمن جرى دعوتهم من قِبل الخديوي لزيارة صعيد مصرعند وصولهم الإسكندرية كي يعرفوا مقدمًا برنامج رحلتهم في القاهرة وعلى امتداد نهر النيل حتى أسوان والتي تستمر ما يقرب من الشهر. ويوضح الدليل أنه قبل شهر من افتتاح القناة جاءت بواخر الشركات البحرية العالمية مكتظة بالركاب، البعض دعاهم كرم الخديوي إسماعيل اللامحدود وآخرون جذبهم تلقائيا أبهة الاحتفال ومشاهدة نجاح العمل، فيما لم يدخر الخديوي جهدًا ليجعل من احتفالية افتتاح قناة السويس حدثا عالميا، فقد رأى أن نجاح تنفيذ حفر قناة السويس بعد 10 سنوات من الكفاح والتضحيات يستحق هذه الأبهة التي تعبر في نفس الوقت عن شدة حبة لعظمة مصر ورفعة شأنها أمام ضيوف القناة، حيث كان يسعى دائما إلى إبراز أمجاد مصر. ويري «أبوغزالة»، أن هذة الرحلة من أهم وأولى الزيارات التي وصفت الأثار المصرية بشكل علمي كبير، حيث تعرضت للكثير من المواقع الأثرية التي مرت بها وسجلتها تسجيلا علميا دقيقا إلى حد كبير، فضلا عن إنها سبقت حدثا مهما ألا وهو افتتاح قناة السويس، كما تركت هذة الزيارة أثرًا كبيرًا في نفوس الزائرين والتي استغرقت ما يقرب من الشهر، شاهد خلالها ضيوف الخديوي إسماعيل آثار القاهرة ومصر العليا، لافتا إلى الدعاية التي حققتها تلك الزيارة لمصر والمتواكبة مع حدث افتتاح قناة السويس. ويلقى الدكتور عباس أبوغزالة، الضوء على جوستاف مارييت صاحب هذا العمل، والذي يعتبر علامة بارزة في تاريخ علم المصريات، من حيث اكتشافاته الأثرية العديدة، فقد قام بوضع هيكل للعمل الأثري في مصر، فهو مؤسس متحف بولاق ومصلحة الأثار المصرية، وقد نال «مييريت» ثقة الخديوي إسماعيل، الذي منحة لقب باشا، وعندما توفى تم نقل جثمانة ليوضع عند مدخل المتحف المصري، وكتب على قاعدة تمثاله «إلى ميريت باشا..اعترافا من مصر بالجميل»، وهي العبارة المأخوذة عن واجهة مدفن العظماء le pantheon بقلب باريس، فيما قال عنه الدكتور عبدالحليم نور الدين وزير الآثار الأسبق: «رغم سلبياته التي تمثلت في إخراج بعض أثار مصر إلى فرنسا، والتي يضمها متحف اللوفر وغيرة، فإن ميزان العدالة يرجح كفة إيجابياته». خضع دليل الرحلة لدراسة ميدانية على أرض الواقع، حيث تم تحديد أماكن المواقع الأثرية، وأيام الزيارة ومواعيدها، وتحديد المسافات بدقة بين المدن التي ينزل فيها المسافرون لزيارة أهم أثار الصعيد، أخذًا في الحسبان تأثير فيضان النيل الذي قد يحول دون الاقتراب من بعض الأثار الواقعة بين بولاق، مكان الإبحار، وأسوان، كذلك راعت مواعيد السفر فارق سرعة المراكب وظروف الملاحة، وانحراف مجرى النيل ومياه الفيضان، وأفادت بعض مذكرات الكتاب والصحفيين من المدعوين، أنهم وصلوا في الموعد المحدد لحضور احتفالات افتتاح قناة السويس. لم يقتصر الدليل على زيارة الآثار فقط، بل شمل أيضا المصانع والمحاجر بجبل السلسلة، والتي كانت أكبر مركز لاستغلال الأحجار في مصر، وهو ما يضاهي ما كان موجودًا في أوروبا في ذلك الوقت، فقد أراد الدليل جذب نظر الضيوف الأجانب إلى وضع مصر على خارطة التقدم والعمران، والتعرف على الأعمال التي قام بها الخديوي لتحديث مصر، وقدم ميريت للزوار عرضا تاريخيا، حيث قسم التاريخ المصري إلى 4 أقسام، الدولة القديمة، والدولة الوسطى، والدولة الحديثة، والدولة المتأخرة، واختار عالم لآثار مواقع تمثل نموذجا لكل عصر من العصور المصرية، كما قدم للضيوف الأجانب صفحة من تاريخ انتصارات مصر على الأعداء خاصة في معركة «قادش» في عهد رمسيس الثاني. وبحسب الدليل سوف يقضي ضيوف الخديوي الذين يصلون قبل موعد افتتاح قناة السويس بشهر، مدة 5 أيام بالقاهرة و24 يومًا على نهر النيل، ويوضح الدليل كيفية قضاء الوقت طوال فترة الرحلة البالغة «29 يومًا»، وهي كالتالي: في أول أيام الرحلة بالقاهرة، تم عمل جولة حول مدينة القاهرة وحي الأزبكية، والذي كان يعتبر المكان المفضل للأوروبيين، وزيارة الأسواق، وفي اليوم الثاني، تمت زيارة مساجد: «عمر بن العاص، أحمد بن طولون، الأزهر، قلاوون، شيخو، السلطان حسن والذي يطلق علية (الجامع المثالي)، البرقوقي بشارع المعز نسبة إلى برقوق أول سلطان مملوك شركسي»، والقلعة وجامع محمد على، وميدان الرميلة، ومجموعة السلطان الغوري، وبئر يوسف الذي أمر بحفره صلاح الدين يوسف بن أيوب والذي يبلغ عمقة 90 مترًا، وأبراج القلعة، وبرج أمين بك الذي قفز من فوق حصانه ناجيًا من مذبحة المماليك عام 1811، وخصص اليوم الثالث، لزيارة مزود السيد المسيح والبئر وشجرة مريم، ومسله هليوبولس، وقبر الملك العادل الذي تولى حكم القدس والقاهرة وكاد أن يصبح زوجًا لأخت ريتشارد قلب الأسد بموجب اتفاق سياسي بين الصليبيين والمسلمين، ومتحف بولاق. خصص اليوم الرابع لزيارة القاهرة القديمة، وقناة أمير المؤمنين، وسور مجرى العيون، بمصر القديمة، قصر الشمع «قصر النور» وهو عبارة عن حصن كان لبعض الوقت مقر اقامة اول أمراء المسلمين في مصر، وكنائس قصر الشمع ومنها كنيسة سان جورج وكنيسة أبوسرجة، وجبانة قايتباي، وفي اليوم الخامس تمت زيارة الغابة المتحجرة، زيارة الأسواق، والحمامات. أما عن الجزء الثاني من الرحلة والتي تشمل زيارة المواقع الأثرية عبر نهر النيل، فقد تم عمل جدول للمسافات بين الأقاليم، وتم تحديد 7 محطات ستتوقف بها السفن للتزود بالوقود، وهي «بني سويف- المنيا-أسيوط- سوهاج- قنا- إسنا- أسوان»، وكان عندما ينزل فيها المسافرون يقومون بجولة حرة، وفي اليوم الأول، كانت المغادرة في السابعة صباحًا، لزيارة أهرامات الجيزة وأبوالهول والتي كانت تقع وقتها على نهر النيل، وفي اليوم الثاني تمت زيارة جبانة سقارة، السرابيوم، ومقبرة بتاح حتب وتي. وفي اليوم الثالث كان الانتقال من زاوية المصلوب إلى بني سويف، ثم إلى المنيا، وفي اليوم الرابع، تمت زيارة مقابر بني حسن الصخرية، مقبرة أسيني وأمنمحات، مقبرة خنوم حتب، فيما كان اليوم الخامس والسادس للسفر. خصص اليوم السابع، لزيارة أبيدوس، معبدسيتي الأول، معبدرمسيس الثاني، الأوزوريون وكوم السلطان، وفي اليوم الثامن والتاسع تم الانتقال من البلينا إلى قنا، وزيارة معابد، دندرة والرجوع إلى قنا، ومنها إلى الأقصر، وفي اليوم العاشر، زيارة مدينة طيبة ومعابد الكرنك في البر الغربي، وصالة الأعمدة ومسلة حتشبسوت. تمت زيارة معبدالقرنة، والرمسيوم، والتماثيل الضخمة «تمثالا ممنون»، ومعبددير المدينة، ومدينة هابو، معبد تحتمس الثاني، معبد رميسيس الثالث، في اليوم الحادي عشر، وفي اليوم الثاني عشر تمت زيارة جبانات طيبة، ومعبد الدير البحري، وفي اليوم الثالث عشر تمت زيارة وادي الملوك، مقبرة رمسيس الثالث، مقبرة سيتي الثاني، مقبرة رمسيس الرابع، مقبرة رمسيس السادس، مقبرة رمسيس التاسع، وفي اليوم الرابع عشر تمت زيارة معبد إسنا. في اليوم الـ 15 و16 و17 و18 بأسوان، كان السفر من جبل إدفوا إلى جبل السلسلة، وتمت زيارة معبد إدفو، ومحاجر جبل السلسلة، معبد كوم امبو، ومدينة أسوان، والمسلة المكسورة، جزيرة إلفنتين، وجزيرة سهيل، معابد فيلة. وفي اليوم الـ 19 و20 و21 و22 و23 و24، تمت زيارة، معبدالكاب، وأرمنت، خرطوش، أخميم، ثم رحلة العودة من سوهاج إلى أسيوط، وكهوف معبدوممياوات التماسيح، ثم هرم ميدوم في بني سويف، ثم كانت رحلة العودة إلى الروضة.



لا تنسى تحميل تطبيقاتنا

  • - تحميل الكتب إلي هاتفك وقرائتها دون الحاجة إلي الإنترنت
  • - تصفح وقراءة الكتب والروايات أون لاين
  • - متعة الإحساس بقراءة الكتب الورقية
  • - التطبيق مقدم مجاني من مكتبة الكتب

اقرأ أيضا