يبقى التهام الكتب الشغل الشاغل لكل قارئ، حتى تفاجئه وعكة
منبوذة تدعى ”حبسة القارئ” وهي من الأمراض الأكثر شيوعًا لدى أغلب القراء إن لم نقل
جميعهم، وكعلاج لهذا الداء يبحث القارئ عادة عن كتب أو روايات يستطيع التهامها دفعة
واحدة، روايات تجمع بين الجمال والإبداع وبين الإنبهار والدهشة، تعيد إليه ثقته في
قدرته على إنهاء ما بين جلدتي كتاب.
إليك ترشيح لـ عشر روايات عربية، نرى أنها تستحق أن يطلع عليها، ويمكن للقارئ أن ينهيها في جلسة واحدة أو جلستين على الأكثر:
صائد اليرقات للكاتب السوداني أمير تاج السر:
المدهش في الرواية أن عبد الله فرفار استطاع أن يجسد شخصية رجل الأمن بإيحاءات معبرة وتلامس شخصية كل رجال أمن الوطن العربي أثناء وبعد الخدمة .
الكاتب أستطاع إيصال أفكار عميقة في جمل جدًا سهلة وبسيطة وبتشبيهات مسلية في بعض الأحيان كما أنه لم يتوانى في كل مرة عن دس رسائل مشفرة أو غير مشفرة عن خبايا مهنة الأمن ودهاليزها.
يا مريم للكاتب العراقي سنان أنطوان:
الكاتب الذي كان بوابتي إلى العراق، استطاع بإحترافية أن يصور لنا الشارع العراقي ويوميات العراقي وكل ما له علاقة بالعراق، رغم أن كل ما يكتبه هذا الرجل مدهش ومميز كما أن الرواية سلطت الضوء على معاناة المسيحيين، الديانة التي نستطيع القول أنها مهمشة بالمقارنة مع الديانة السائدة في العراق بإختلاف طائفتيها، ولمن شهد أحداث الموصل والتطهير الذي عرفته هذه الطائفة في السنوات الأخيرة ستلامس الرواية قلبه كثيرا.
هذا الاقتباس الذي يلخص الكثير من الأحداث:
“ننفق سنوات طويلة في القاعات و المختبرات و نتبحر في الكتب لنتعلم كل هذه التفاصيل الدقيقة التي راكمها بشر آخرون منذُ مئات السنين كي نعتني بالجسد و نبعد عنه الألم و الموت.. ثم يأتي، آخرون لا يعرفون شيئاً و قد يكونون أميين و بضغطة زر أو حركة زناد يمزقون الجسد، الدم في مكان و البلد صار مشرحة كبرى، لكن التجارب على الأحياء، هذا علم الأحياء الرائج هذه الأيام”
مشرحة بغداد للعراقي برهان شاوي:
رواية مرعبة جدًا، تحاكي من زاوية أخرى الوجع العراقي الذي لا يريد أن يصل إلى نهاية أبدا، يبقى الستار مفتوحًا إن اعتبرنا العراق أكبر مسرح على الأرض، يعرض أكثر المسرحيات تراجيديًا، حيث تقوم الجثث بأداء أدوار خانقة، ويكون الديكور أشلاء ودماء الضحايا الأبرياء..
ستتساءل حين تنهي هذه الرواية: ألا تتوقف الجثث في بغداد العراق عن التزاحم؟
ألا يمكن للعراقي أن يموت ميتة هانئة في فراشه الدافئ يحيط به الأقربون إلى قلبه ويودعونه بهدوء، أم أنه يتوجب عليه أن يتطاير أشلاءً حتى تصعد روحه؟
حجم المعاناة جعل الجثث تتكلم في هذه الرواية وتكشف أن الدم العراقي أراقته جميع الأطياف العراقية، كلها بدون استئذان..
تاء الخجل للكاتبة الجزائرية فضيلة الفاروق:
كل ما أتت به فضيلة في هذه الرواية هو انعكاس لما عايشناه سنوات الجمر، ولا يمكن لجزائري عاش أحداث تلك الفترة الدموية أن ينكر حدثًا واحدًا مما أتت الكاتبة على ذكره.
في هذه الرواية ستكتشف أن الفاتورة الضخمة للحروب والنزاعات الطائفية في كل مكان تدفع ثمنها المرأة، والفاتورة التي دفعتها المرأة الجزائرية أثناء العشرية السوداء كانت باهظة جدا.
رجال في الشمس للكاتب الفلسطيني الغني عن كل وصف غسان كنفاني:
غسان كنفاني بعد كل عمل تقرأه له، وبعد هذا العمل بالذات ستكتشف أنه يكتب بدم القلب، لتصل كلماته صخرة من الألم لكل قلب.
رجال في الشمس، النكبة ، الهجرة، الفقدان، الألم، الفقر، الانتظار، المخيمات، الهروب والهرب من الموت نحو الموت..
استطاع غسان من خلال أبا قيس، أسعد ومروان تلخيص مأساة شعب وكفاحه حتى اللحظة التي يجعلك تتساءل: لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟
نكتب هذه الكلمات الآن ولازلنا نتساءل: لماذا لم يدقوا الجدران؟
أية مخيلة يمتلك غسان ليجعل القارئ يعاني حتى بعد إغلاق صفحات روايته؟
شرفة العار للفلسطيني إبراهيم نصر الله:
رواية يتطرق فيها نصر الله لأكثر الجرائم شيوعاً في منطقة المشرق وخاصة الأردن، جرائم الشرف.
من خلال هذه الشرفة ستكون لك إطلالة سوداء قاتمة بلون الوجع والألم وستسعجل الصفحات باحثًا في كل صفحة عن حل، عن مخرج، عن فسحة أمل حتى تلك التي تكون بحجم خرم الإبرة.
جدير بالذكر أن شرفة العار هي جزء من سلسلة الشرفات التي كتبها إبراهيم نصر الله، وجميعها كانت تحتوي مواضيع مميزة .
اليهودي الحالي للكاتب والشاعر اليمني علي المقري:
الرواية تطرح موضوع تهميش واضطهاد اليهود اليمنيين في اليمن، وكحال الأقليات دائما هناك عنوان عريض ” التعنيف، التهجير، التشريد”
الحب لا دين له، هذا ما سيكتشفه القارئ مع علي المقري وهو يسرد عليه قصة حب صادقة ومختلفة بين مسلمة ويهودي، طبعًا الرواية لا تدور رحاها فقط بين هذا اليهودي والمسلمة بل هي تأريخ لحقبة مرت من تاريخ اليمن.
تحميل رواية اليهودي الحالي PDF
أصوات للكاتب المصري سليمان فياض:
الرواية كنز مخبأ عن أعين الكثير من القراء، من الأعمال التي لم تأخذ الشهرة التي تستحق، أصوات هي خبايا المجتمع المصري بصفة خاصة والعربي بصفة عامة، نفس مظاهر الحقد والنظرة الدونية حينا ونظرة الغرابة والإعجاب أحيانا أخرى لكل ما هو مختلف وجديد..
فخاخ الرائحة للكاتب السعودي يوسف المحيميد:
“أنا لا أبحث عن الجنة ولا عن فردوس أو نعيم، أريد فقط مكانًا يحترمني لا يذلني ولا يعاملني كالكلاب”
لا توجد أوجع من هذه الرواية و ليس هناك مكان أنذل من المكان الذي يقطنه الإنسان، الكائن المتنمِّر..
بعيدًا عن الأسلوب الجميل، ولا عن الحبكة الرائعة فإن موضوع الرواية ذو الثلاث أبعاد كفيل بأن يجعل الروح تنزف مرارا وتكرارا، ثلاث لوحات لثلاث شخصيات يصورها الكاتب بإحترافية عالية بين طراد وناصر وتوفيق خيوط متشابكة من الألم الإنساني، التي كان سببها الرئيسي وفي الأساس الإنسان.
الحالة الحرجة للمدعو ك عزيز محمد:
تعتبر الرواية أهم ما صدر مؤخرا على الساحة الأدبية، رشحت الرواية لنيل جائزة البوكر، غير أنها لم تحظ بها للأسف الشديد.
الحالة الحرجة للمدعو ك ستجعل حالة كل قارئ يطلع عليها حرجة أكثر، تعتبر توثيق لأفظع كابوس يمر به الإنسان.. مرض السرطان.
تحميل رواية الحالة حرجة للمدعو ك PDF