علم العروضيُطلق العروض على معانٍ عدّة منها: مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وعُمان، ومنها الطّريق الصّعب، والسّحاب الرّقيق، والخشبة المعترضة وسط البيت، ومنها الجَمل الذي يصعب قياده وترويضه، والتّفعيلة الأخيرة من الشّطر الأوّل من البيت الشّعري، وميزان الشّعر، وعلم العروض هو علم من العلوم العربيّة يعرف به صحيح الشّعر من فاسده، والمعتلّ من السّليم، والمتّزن من المنكسر، وما يعتريه من علّة وزحاف، وهو المقياس الفنّيّ الذي تعرض عليه الأبيات الشّعريّة للتأكد من صحّة وزنه، وبعد هذا التّعريف ستأتي الإجابة عن سؤال: من هو أول من ابتكر علم العروض.
من هو أول من ابتكر علم العروضعند طرح السؤال الآتي: من هو أول من ابتكر علم العروض، قد يتبادر إلى أذهان البعض بأنّه ابتكر من بدايات ازدهار الشّعر العربيّ، ولكن في الحقيقة كان الشّعراء يقولون الشّعر موزونًا دون سابقة علم لهم بعلم العروض، مع علمهم بالوزن السّليم للشّعر، وما يعتريه من عيوب، ولكن دون معرفة مسمّيات البحور الشّعريّة وتقسيماتها، حتّى جاء أحد أئمّة اللّغة والنّحو والأدب، وهو الخليل بن أحمد الفراهيدي في القرن الثّاني للهجرة، حيث دفعه حسّه المرهف وتذوقه للشّعر لاستخراج علم العروض، فاستنبطه وأخرجه إلى الوجود، فاستخرج خمسة عشر بحرًا، وجاء الأخفش من بعده، فزاد بحرًا واحدًا، وهو "الخبب أو المتدارك"، فأصبح مجموع البحور الشّعريّة ستة عشر بحرًا، فالجواب على من هو أول من ابتكر علم العروض، هو الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي يعدّ عالمًا بأصول الموسيقى والأصوات، فهو إذًا أوّل من استخرج أصول علم العروض، وقوانينه التي لم يطرأ تغيير جوهريّ عليها إلى هذا اليوم، وضبط اللّغة، وكان أوّل من حصر أشعار العرب، وكان يقول البيتين والثّلاثة في الآداب.
الكتابة العروضيةبعد توضيح الإجابة عن سّؤال الذي تمّ طرحه، من هو أول من ابتكر علم العروض؟ ومعرفة البحور الشّعريّة، يجب معرفة الكتابة العروضيّة، فمن خلال الكتابة العروضيّة يتمّ التّوصّل إلى تفعيلات البحر، فالحرف الذي يلفظ يكتب، والحرف الذي لا يلفظ لايكتب، ومن ذلك:"ال" التّعريف الشّمسيّة تسقط في درج الكلام، وتثبت ألفها في أوّل الكلام، مثل: "ضوء الشّمس .."، تكتب: ضوء شْشَمشُ"، و"الشّمس بازغةٌ"، تكتب: اشْشَمسُ بازغتن". "ال" التعريف القمريّة تسقط ألفها في درج الكلام، وتثبت كاملة في أوّل الكلام، مثل: "هرب الحسّون من غاباته"، تكتب: "هرب الحسْسُون"، وفي أوّل الكلام: "الحسّون هرب"، تكتب: "الحسْسُون هرب". إذا التقى ساكنان أحدهما حرف علّة يحذف حرف العلّة، مثل: "فَقَلبيْ الْيَومَ مَتبولُ"، تكتب: "فقلبِ لْيوم متبول". الألف المحذوفة من بعض الكلمات تعود إليها في الكتابة العروضيّة، مثل: "هذا، لكن، ذلك.. تصبح: "هاذا، لاكن، ذالك..". التّنوين أينما وقع، يكتب نون ساكنة، مثل: "مَهلاً هَداكَ"، يكتب: "مهلنْ هداك". الحرف المشدّد يكتب حرفين ساكن فمتحرّك، مثل: "فرّق"، يصبح: "فرْرَق". تكتب المدّة "آ" حرفين ألف مهموزة فألف ساكنة، آمين، تصبح: "أامين". تشبع حركة كلّ من الحرفين الأخيرين في الشّطر الأوّل والثّاني من البيت الشّعري، الحرف المكسور تتبعه ياء والمضموم واو والمفتوح ألف، مثل من بيت امرئ القيس:..ومنزلِ، تصبح ومنزلي، ..فحوملِ، تصبح: فحوملي. إشباع هاء الضّمير للمفرد المذكّر الغائب عند اللّزوم، إن لم يليه حرف ساكن بحرف يناسب حركته، تشبع الضّمّة بواو، وتشبع الكسرة بياء، مثل: "منهُ، إليهِ"، تكتب: "منهو، إليهي". وتزاد الواو في بعض الكلمات، مثل: "داود، طاوس"، تصبح: "داوود، طاووس". تحذف همزة الوصل في درج الكلام وتثبت في أوّله، مثل: "فادنُ وارتفع واستغفر"، تكتب: "فدن ورتفع وستغفر".
عيوب الشعروفي نهاية المطاف وبعد أن تمّ التّركيز عن الإجابة عن سؤال من هو أول من ابتكر علم العروض؟ بقي معرفة عيوب الشّعر العربيّ، فقد عرف العرب القدماء بواسطة سليقتهم الأدبية وحسّهم وذوقهم المرهفين للشّعر، الكثير من العيوب التي تدخل في وزن الشّعر أوقافيته أو غيرهما، ومن هذه العيوب:- الإقواء: وهو اختلاف حركة القوافي في القصيدة، كأن تكون قافية مرفوعة وأخرى مخفوضة. - الإيطاء: إعادة استخدام القافية أكثر من مرّة في القصيدة. السناد: اختلاف الحركات للحرف الذي يسبق الرّوي، مثل: ... أبادِر ... المظاهَر. - الإكفاء: اختلاف الرّوي بحروف متقاربة المخارج، مثل: ... بزمامِ ... يماني. الإجازة: اختلاف الرّوي بحروف متباعدة المخارج، مثل: ...قليل ...ذميم.- الإخلال: هو أن يترك من اللّفظ ما يتمّ به المعنى، مثل قول عبيد الله: أعاذلُ عاجل ما أشتهي أحبّ من الأكثر الرائث أراد أن يقول: ما أشتهي مع القلّة ...، فترك مع القلّة وبه يتمّ المعنى. - الحشو: أن يحشي البيت بلفظ لا يحتاج إليه إلا لصحّة الوزن، كقول المؤمّل: فليتني كنت أعمى غير ذي بصرٍ وأنّه لم يكن ما كان من نظري .- التّفصيل: وهو عدم انتظام الشّاعر لنسق الكلام على ما ينبغي لمكان العروض فيقدّم ويؤخر، كقول دريد بن الصّمّة: وبلّغ نميراً إن عرضتَ ابن عامرٍ فأيّ أخٌ في النائبات وطالب "إن عرضت" اعتراضيّة، يعني: نمير بن عامر. التّضمين: وهو تعلّق آخر البيت بأوّل البيت الذي يليه، كقول الشاعر: وما أدري إذا يممت أرضاً أريد الخير أيهما يليني ألخير الذي أنا أبتغيه أم الشّرّ الذي هو يبتغيني.