نبذة عن جورج أورويل
جورج أورويل صحفي وروائي وناقد بريطاني، ألّف العديد من الروايات التي تركت بصمة في تاريخ الأدب العالمي، وقد تُرجمت للغات عدة منها العربية، ومن أهم أعماله كتاب “الحنين إلى كاتالونيا” و”الخروج إلى الهواء”، إلا أنَّ أشهرها على الإطلاق “مزرعة الحيوان” ورواية “1984”.
تطرّق أورويل لسيرته الذاتية في “روايتي إطلاق النار على الفيل” ورواية “أيام بورما”، حيث سرد تجربته الذاتية وردوده على الحكم الاستعماري البريطاني في بورما، فقد عبّر أورويل من خلال رواياته عن شخصية كاتب ملتزم بالدفاع عن الطبقات الفقيرة والمُستعمَرة، وبقي يغني العالم بكتاباته حتى توفي في لندن عام 1950.
وُلد إريك آرثر بلير في موتيهاري في البنغال في الهند في 25 يونيو عام 1903، لوالده الموظف البسيط في الخدمة المدنية الهندية، ولوالدته فرنسية الأصل، عاد مع والديه إلى إنكلترا، ثم أُرسل في سن الثامنة لمدرسة داخلية على ساحل ساكس في جنوب شرق إنكلترا.
بدا على أورويل النبوغ والفكر المتقد، بالرغم من ذلك كان فتىً كئيبًا وانطوائيًا، فاعتبره البعض غريب الأطوار، وحصل على منح دراسية في مدرستين رائدتين هما ويلينجتون وإيتون، وإيتون هي واحدة من أكبر المدارس الثانوية المستقلة وأكثرها عراقةً، درس أورويل في ويلينجتون وما لبث أن انتقل إلى ايتون، وبقي فيها حوالي أربعة أعوام من عام 1917 حتى عام 1921.
تأثر أورويل أثناء دراسته بالروائي الإنكليزي ألأدوس ليونارد هكسلي، بحيث نشر الأخير كتاباته الأولى في دوريات المدرسة، وفيما بعد قرر عدم مواصلة دراسته متبعًا تقاليد أسرته، ففي عام 1922، كان قد بلغ التاسعة عشر شدَّ رحاله إلى بورما، وهناك عمل كمساعد مشرف في الشرطة الإمبراطورية الهندية.
أثّرت خدمته في بورما كثيرًا على أفكاره، فجورج أورويل شخص حساس يتمتع بحس أخلاقي عالي، فشعر بالخجل من نفسه بسبب عمله كضابط شرطة استعماري، هذه التجربة كان لها دورٌ كبيرٌ في بلورة أفكاره وإنتاجه لأعمال روائية من وحي ما عاشه.
في عام 1927، ذهب أورويل بإجازة إلى إنكلترا مقررًا عدم العودة إلى بورما، واتخذ قراره في أول يناير عام 1928 بالاستقالة من الشرطة الإمبراطورية البريطانية، حيث شعر بالذنب بسبب الحواجز العرقية والطبقية التي حالت بينه وبين الاختلاط مع البورميين، وكنوع من التكفير عن الذنب قرر أن يعيش كحياة الفقراء والمنبوذين في أوروبا، فانتقال للطرف الشرقي من لندن حيث عاش في مساكن متواضعة.
فيما بعد انتقل لباريس وعمل في عدد من الفنادق والمطاعم الفرنسية كغاسل للأطباق، كان لهذه التجربة دورًا في صقل شخصيته وانطلاق مخيلته لتأليف روايته "أيام في بورما" عام 1934، والتي كانت بمثابة صك على بياض للاعتراف بجورج أوريل كأديب وروائي يتبنى قضية إنسانية وهي المساواة والعدالة الاجتماعية، عبّر من خلال هذه الرواية عن رأيه الناقد لطريقة تعامل المستعمر مع السكان الأصليين في بورما، من خلال تسليط الضوء على موظف صغير يسعى للتواصل مع السكان البورميين محاولًا الابتعاد عن الفوقية والنظرة الاستعمارية الشوفينية الضيقة لزملائه البريطانيين.
في عام 1935، ألّف رواية "ابنة رجل الدين"، وهي عبارة عن فتاة عانس تعاني من الكآبة وتسعى لتتحرر من خلال تجربة العمل بين بعض المزارعين، أما في عام 1937، ألّف أورويل أطروحته السياسية "الطريق إلى رصيف ويجان"، سلّط الضوء من خلالها على تجربته في العيش بين المعوزين وعمال المناجم والعاطلين عن العمل، حيث وجّه انتقادًا لاذعًا للحركات الاشتراكية القائمة آنا ذاك.
فيما بعد انضم أورويل إلى قوات المعارضة الجمهورية في إسبانيا في الحرب الأهلية أثناء الثورة على فرانكو، قاتل في آرغون وتيرويل، وأُصيب بجراح خطيرة فيها، كما قاتل ضد الشيوعيين في برشلونة، وكان لهذه التجربة أثرًا كبيرًا عليه وأسس لخوفه الدائم من الشيوعية، ليؤلف كتابه الشهير "الحنين إلى كاتالونيا" في عام 1938، والذي يعتبره كثير من النقاد والقراء من أفضل أعماله الأدبية.
في عام 1939، ألف رواية "الصعود إلى الهواء" أثناء قضائه إجازة في المغرب، ونُشرت قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية بفترة وجيزة، تجمع هذه الرواية بين الخوف من الحرب الوشيكة وذكريات الطفولة الحالمة على ضفاف نهر التايمز، تدور أحداث الرواية في العصر الإدواردي من عام 1901 حتى عام 1910، ملخص الرواية الحنين ومحاولة استعادة أمجاد الماضي، ويناقض هذه الصورة تحطم أحلام الشباب والعمل المضجر والتقدم بالعمر.
في عام 1943، عمل أورويل كمحرر أدبي في صحيفة اشتراكية يسارية لها ارتباطات مع زعيم حزب العمال البريطاني أنورين بيفان، كتب فيها العديد من المقالات، كما كتب عن تشارلز ديكينز في العديد من الصحف.
وفي العام التالي، انتهى من روايته "مزرعة الحيوان"، تتكلم الرواية عن مجموعة من الحيوانات التي تطرد قادتها البشر المستبدين، ليؤسسوا مجتمع قائم على العدالة والمساواة، وما يلبث أن ينقلب قادة الثورة والمحبين للسلطة على أتباعهم ليشكلوا دكتاتورية أكثر قمعًا وظلم من أسيادهم البشر، وهي رواية ناقدة بشكل رمزي للتجربة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي، ولخيانة ستالين للثورة الروسية.
حققت الرواية شهرة واسعة وذلك بسبب الاسقاطات التي قام بها أورويل على التجربة السوفيتية والأنظمة الدكتاتورية التي حكمت بعض دول العالم بشكل عام، إنها رواية ليومنا هذا يمكن إسقاطها على كثير من الأنظمة الشمولية الموجودة في عدد كبير من دول العالم، والظلم والاضطهاد الذي تمارسه بحق مجتمعاتها، لقد كتب أورويل هذه الرواية بصيغة أدبية رائعة ممزوجة بالخيال الخصب.
في عام 1949، ألّف رواية أخرى بعنوان "1984"، حذّر أورويل في هذه الرواية من الأنظمة الشمولية، حيث يتكلم عن أوقيانوسيا وأوراسيا وإيستاسيا وهي ثلاث دول دكتاتورية وذات نظام شمولي لكنها متحاربة بشكل دائم، فأوقيانوسيا يحكمها حزب واحد يروج لأفكار متناقضة ويرفع شعارات الحرب سلام، والحرية عبودية والجهل قوة، ويسيطر على كل مقدرات الدولة فيها، ويحارب الفكر الحر؛ كما حذّر أورويل في هذه الرواية من النظامين التوأمين النازية والستالينية، ومن أخطار الأنظمة التوليتارية الشمولية.
تزوج جورج أورويل من الكاتبة البريطانية إيلين بلير في 9 يونيو عام 1936، وبقيا معًا حتى وفاتها في 29 مارس 1945.
توفي جورج أورويل عن عمر ناهز 46 عامًا، في أحد مستشفيات لندن بعد معاناته مع مرض السل في 21 يناير عام 1950، ودُفن في أكسفوردشير شمال غرب لندن.
اسم الكاتب جورج أورويل هو اسم مستعار اشتق من نهر أورويل في ايست إنجيليا، وقد نشر روايته الأولى تحت هذا الاسم، ومن ثم استمر بالكتابة تحت هذا الاسم.
كتب جورج أوريل الأجزاء الأخيرة من رواية "1984" في فترات بين نوبات دخول المستشفى بسبب مرض السل ومنزله في جزيرة جورا.
بسبب اشمئزاز أورويل من الرأسمالية ورفضه الشخصي من الحياة البرجوازية، أطلق على نفسه لقب أناركي، وبدأ يعتبر نفسه اشتراكيًا.
رفض أورويل الخدمة العسكرية إبان الحرب العالمية الثانية، وترأس الخدمة الهندية لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.