الرجال من المريخ و النساء من الزهرة !

نجد ان مادة الكتاب نفسها فرائعة، فهو يصف الرجال والنساء من دواخلهم بدقة شديدة، ويذكر علاجات وطرقا للتعامل في كل حالة من الحالات التي يفهمها كل جانب عن الاخر بصورة خاطئة نتيجة لأنه يحاول تفسيرها بمنطقه هو، أو على حسب تعبير الكاتب.
فإن كل طرف يحاول تفسير الموقف والتعامل معه بأسلوب وثقافة الكوكب الذي جاء منه، وربما يكون الأسوأ هنا أنه يتلقى كلام الطرف الاخر
بلغة كوكبه الأم، ولا يحاول ترجمة ما قاله شريكه ليعرف ما يقصد.
نحن من عوالم مختلفة! فلنتصرف بناءاً على هذا

أستطيع تلخيص سبب الخندق الهائل الذي تصنعه النساء بأيديهن لتجعله بينها وبين الرجال في شيء واحد، أنها تعامله على أنه امرأة مثلها! نعم، فهي تتوقع منه أن ينصت لها في مشاكلها بذلك التعاطف والاهتمام المفرط الذي تبديه النساء لبعضهن في محادثاتهن، ولا تجد حرجا في إخباره بمشكلة في المطبخ ثم تنتقل إلى الحديث عن الأولاد، قبل أن تعرج على ارتفاع أسعار الفاكهة وقد تذكر في وسط ذلك أن ثوبها تمزق وهي تنزل من الحافلة لتزور أمها التي طلبت منها صنع كعكة لـ.

دعيني أخبرك يا سيدتي أن هذا النوع من الحديث يجعل الرجال على صنفين، إما أنه سيظل واجما طيلة حديثك يفكر في الشيء الذي تودين إخباره به، والذي يبدو أنه قد ضل طريقه وسط تلك المشاكل التي تذكرينها والتى لا تمت بصلة لبعضها ولا حتى للمشكلة الرئيسية في كثير من الأحيان.

ثم حين يكتشف أنك لا تنوين إخباره بشئ محدد، فإنه إما أن ينفجر فيك مؤنبا إياك على وقته الذي ضيعتيه في حديثك الذي يراه تافها، أو أنه سيتركك تنهين كلامك دون انتباه وهو يلعن تعقيد النساء. أما الصنف الثانى من الرجال سيخطئ نفس خطأك، وهو أنه سيعاملك على أنك رجل، ولن يدرك أنك تودين فقط من يستمع إليكِ، فسيقاطعك كل كلمتين ليعرض حلا لمشكلة، أو لينتقد موقفا ما، الشاهد أنه لن يدعك تسترسلين في شيء، الأمر الذي يزيدك سوءًا عن ذي قبل. إن كان لدى إحداكن رجل غير ذلك، فلا تفرطن فيه!


أنت الملام و إن كنت مقتولاً!

أعتقد ان اللوم هنا يقع على الرجال أكثر من النساء، لأن النساء لا تملك حيلة فيما تفعل، فهذه طريقتها في التفكير في مشاكلها وإيجاد حلول لها، وفي كثير من الأحيان لتجد متنفسًا لتلك الضغوط التي تتعرض لها يوميًا، فيجب على الرجل حينها أن يوقف معالجه الذكوري قليلا عن العمل، ليستمع في اهتمام مفرط إلى ما تحكيه المرأة، ولا يفتح فمه حتى تنتهي هي من الكلام.

اللهم إلا ببعض الهمهمات والإشارات التي تدل على الإصغاء، لئلا تعتقد المرأة أنها تكلم جمادًا، افعل ذلك وستكون هي أفضل حالا بعد انتهائها، هذا إن لم تجد حلًا بنفسها لمشكلتها إن كانت هناك واحدة. وأنت الموصوف بالمنطق بالنهاية، فعليك ان تتحمل!

على أنك أيها الرجل لن تكون منافقا لها بتلك المشاعر التي تمنحها إياها، لأنها بالنهاية أمك أو أختك أو زوجتك أو ابنتك، وهذه المشاعر هي حقها عليك، وإنني أعرف أنك ستقول الآن انك تعطيها الاهتمام الذي تريده. مرة أخرى أقول لك أنك مخطئ أيها الرجل.

هذا لأن اهتمامك هذا أعطيته لها وكأنها رجل! اعلم أن ما يصلح لك لا يصلح لغيرك من الرجال، فما بالك بالنساء؟ ولأني أعرف طبيعتك، فإنني الآن أسوق إليك دليلا من حياتي الخاصة لأدعم به كلامي السابق.


اختلاف أنظمة التشغيل!

و سترى أثناء إصغائك للمرأة أيها الرجل أمورا عجاباً عليك أن تضغط على نفسك لكي تجعلها تمر مر الكرام، فإن دماغنا نحن الرجال يعمل بطريقة منطقية بحتة، فهو يفترض أن المتحدث سيذكر أمورا تتعلق بمشكلة يتوجب علينا حلها بما أنه قد اختارنا للتكلم بشأن تلك المشاكل، كما أننا نفترض أن المتحدث سيمر بطريقة متسلسلة و مرتبة عبر الأحداث التي يجب أن يذكر منها ما يتعلق بصلب المشكلة فقط لكي نستطيع مساعدته بشأنها.

غير أن هذا لا يعمل مع المرأة، فقد كنت أرى جدتي تتحدث معي عني أنا، ثم عن ابن عمي الذي سيلتحق بالكلية، ثم تذهب بحديثها إلى الحديقة و ما فيها، ثم تعود لتتكلم عن شئ يخص البيت الذي نجلس تحته، ثم تذكر أشياءاً من ذلك الزمن الغابر أيام جدي رحمه الله، و لا تكاد تغفل تفصيلا دقيقاً قد حدث يومها، و تظل قليلا أو كثيرا هناك في الماضي، ثم تعود لتتكلم عن شئ يحدث الآن، و هكذا دواليك!.

و أكون حريصا في ذلك كله على إظهار علامات الإصغاء، و سؤالها بين الفينة و الأخرى عن شئ مما تحكيه لأؤكد لها على انتباهي لما تقول، ثم أستأذن منصرفاً عندما تنتهي، و لا أرد أو أنتقد أو أفعل أي شئ أبداً.

و لعل أسلوبي قد آتى أكله بطريقة أسرع مع عمتي، فقد صارت تهش و تنفرج أساريرها كلما تراني، و لا تكتمني حديثاً قد اختلج في  صدرها لأمر ما، لعلمها أنني لن أقاطعها أو أنتقدها أو أسفه كلامها لأي سبب كان، على أن هذا معي فقط، فما تزال تعطي باقي العائلة ذلك الوجه الذي لم تعرف السعادة طريقاً إليه!.